نتنياهو مصممون على تحقيق النصر الكامل في غزة عاجل
نتنياهو مصممون على تحقيق النصر الكامل في غزة: تحليل وتداعيات
تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المتكررة حول النصر الكامل في غزة، كما ورد في فيديو اليوتيوب المرفق (https://www.youtube.com/watch?v=l33Ml6k23wI)، تثير جدلاً واسعاً وتستدعي تحليلاً معمقاً لفهم أبعادها وتداعياتها المحتملة. هذه التصريحات، التي غالباً ما تكون مصحوبة بنبرة حازمة وتأكيدات على استمرار العمليات العسكرية حتى تحقيق الأهداف المعلنة، تتجاوز كونها مجرد خطاب سياسي موجه للداخل الإسرائيلي أو للجمهور الدولي. إنها تعكس استراتيجية متكاملة، أو على الأقل محاولة لتشكيل استراتيجية، تسعى إلى تحقيق تغيير جذري في قطاع غزة، بغض النظر عن التكلفة الإنسانية أو السياسية.
ماذا يعني النصر الكامل؟
إن أول سؤال يطرح نفسه عند سماع هذه التصريحات هو: ماذا يعني النصر الكامل تحديداً؟ غالباً ما تكون هذه العبارة غامضة وغير محددة، مما يتيح لرئيس الوزراء الإسرائيلي مساحة واسعة للمناورة وتكييف الأهداف وفقاً للتطورات الميدانية والضغوط السياسية. ومع ذلك، يمكن استخلاص بعض المؤشرات من خلال تحليل خطابات نتنياهو السابقة وتصريحات مسؤولين آخرين في الحكومة الإسرائيلية، بالإضافة إلى الإجراءات المتخذة على أرض الواقع.
يبدو أن النصر الكامل يشمل العناصر التالية:
- القضاء التام على حركة حماس: هذا الهدف يعتبر جوهر النصر الكامل بالنسبة لنتنياهو. يعني ذلك تدمير البنية التحتية العسكرية لحماس، بما في ذلك الأنفاق والصواريخ والمخازن، بالإضافة إلى قتل أو اعتقال قادة الحركة وكبار كوادرها.
- تجريد غزة من السلاح: يهدف هذا العنصر إلى منع حماس أو أي فصيل آخر من إعادة بناء قدراته العسكرية في المستقبل. قد يشمل ذلك إنشاء منطقة عازلة على الحدود مع إسرائيل، بالإضافة إلى عمليات تفتيش ومراقبة مستمرة لمنع تهريب الأسلحة.
- إقامة حكم بديل في غزة: مع القضاء على حماس، يصبح السؤال المطروح هو من سيحكم غزة؟ تتجنب إسرائيل الحديث بشكل صريح عن احتلال دائم للقطاع، ولكنها في الوقت نفسه ترفض عودة السلطة الفلسطينية بشكل كامل دون شروط. الاحتمالات المطروحة تتراوح بين إدارة دولية، أو قوة عربية مشتركة، أو حتى شخصيات فلسطينية مستقلة تحظى بدعم إسرائيل.
- استعادة الردع الإسرائيلي: يرى نتنياهو أن النصر الكامل ضروري لاستعادة قوة الردع الإسرائيلية في المنطقة، وإرسال رسالة واضحة إلى أعداء إسرائيل بأن أي هجوم أو تهديد سيواجه برد فعل ساحق.
التحديات والعقبات
على الرغم من تصميم نتنياهو الظاهر على تحقيق النصر الكامل، إلا أن الطريق إلى ذلك محفوف بالتحديات والعقبات الكبيرة. من بين هذه التحديات:
- الطبيعة المعقدة لحرب المدن: القتال في غزة، وهي منطقة مكتظة بالسكان، يجعل من الصعب للغاية تحقيق أهداف عسكرية دون التسبب في خسائر فادحة في صفوف المدنيين. هذا الأمر يؤدي إلى إدانات دولية واسعة النطاق، ويضع ضغوطاً كبيرة على إسرائيل لتقليل الخسائر المدنية.
- صعوبة القضاء التام على حماس: حتى مع تدمير جزء كبير من البنية التحتية العسكرية لحماس، فإن الحركة لا تزال قادرة على شن هجمات وتجنيد عناصر جديدة. الأيديولوجية المتطرفة التي تتبناها حماس تجعل من الصعب القضاء عليها بشكل كامل، خاصة في ظل الظروف المعيشية الصعبة التي يعاني منها سكان غزة.
- المقاومة الفلسطينية: حتى لو تمكنت إسرائيل من القضاء على حماس، فمن المرجح أن تظهر فصائل مقاومة أخرى، مدفوعة باليأس والإحباط من الوضع القائم.
- الموقف الدولي: الضغوط الدولية المتزايدة على إسرائيل لوقف إطلاق النار وتقليل الخسائر المدنية قد تجعل من الصعب على نتنياهو مواصلة العمليات العسكرية بنفس الوتيرة. بالإضافة إلى ذلك، فإن أي حل طويل الأمد في غزة يجب أن يحظى بدعم دولي واسع النطاق، وهو أمر غير مضمون في ظل الانقسامات الحالية في المجتمع الدولي.
- الوضع الإنساني الكارثي في غزة: تفاقم الأزمة الإنسانية في غزة، مع نقص الغذاء والدواء والمياه النظيفة، يزيد من خطر انتشار الأمراض وتدهور الأوضاع المعيشية بشكل عام. هذا الأمر قد يؤدي إلى حالة من الفوضى وعدم الاستقرار، مما يجعل من الصعب تحقيق أي نوع من الاستقرار في القطاع.
- الرهائن: قضية الرهائن الإسرائيليين المحتجزين في غزة تمثل تحدياً إضافياً لنتنياهو. الضغوط الداخلية من عائلات الرهائن والمطالبات بالإفراج عنهم قد تجعل من الصعب على رئيس الوزراء الإسرائيلي الاستمرار في العمليات العسكرية دون إيجاد حل لهذه القضية.
التداعيات المحتملة
إن استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة، والسعي لتحقيق النصر الكامل كما يراه نتنياهو، يحمل في طياته تداعيات محتملة خطيرة على المستويات المحلية والإقليمية والدولية. من بين هذه التداعيات:
- تفاقم الأزمة الإنسانية في غزة: استمرار القتال وتدمير البنية التحتية المدنية سيزيد من معاناة سكان غزة، ويجعل من الصعب عليهم الحصول على الاحتياجات الأساسية للحياة.
- تصاعد العنف في المنطقة: قد يؤدي استمرار الصراع في غزة إلى تصعيد العنف في الضفة الغربية والقدس الشرقية، بالإضافة إلى احتمال تدخل أطراف إقليمية أخرى في الصراع.
- تقويض عملية السلام: أي حل طويل الأمد في غزة يجب أن يكون جزءاً من عملية سلام شاملة تهدف إلى حل القضية الفلسطينية بشكل عادل ودائم. ومع ذلك، فإن استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية وسعي نتنياهو لتحقيق النصر الكامل يقوضان أي فرصة للعودة إلى طاولة المفاوضات.
- تدهور صورة إسرائيل في العالم: الخسائر المدنية الفادحة في غزة والإدانات الدولية الواسعة النطاق قد تؤدي إلى تدهور صورة إسرائيل في العالم، وتزيد من عزلتها الدولية.
- تداعيات داخلية على إسرائيل: استمرار الصراع قد يؤدي إلى انقسامات داخلية في المجتمع الإسرائيلي، خاصة بين أولئك الذين يدعمون العمليات العسكرية وأولئك الذين يدعون إلى حل سياسي.
بدائل النصر الكامل
في ظل التحديات والعقبات التي تواجه تحقيق النصر الكامل، والتداعيات المحتملة الخطيرة لاستمرار الصراع، يصبح من الضروري البحث عن بدائل أخرى أكثر واقعية واستدامة. بعض هذه البدائل قد تشمل:
- وقف إطلاق النار: يجب أن يكون وقف إطلاق النار الفوري هو الأولوية القصوى، من أجل وقف نزيف الدم وإنقاذ الأرواح.
- المفاوضات: بعد وقف إطلاق النار، يجب على الأطراف المعنية الجلوس إلى طاولة المفاوضات للتوصل إلى حل سياسي شامل وعادل للقضية الفلسطينية.
- المساعدات الإنسانية: يجب تقديم مساعدات إنسانية عاجلة لسكان غزة، من أجل تخفيف معاناتهم وتحسين ظروفهم المعيشية.
- إعادة الإعمار: يجب البدء في إعادة إعمار غزة، من أجل إعادة بناء البنية التحتية المدمرة وتمكين السكان من استئناف حياتهم الطبيعية.
- المصالحة الفلسطينية: يجب العمل على تحقيق المصالحة بين الفصائل الفلسطينية المختلفة، من أجل توحيد الصف الفلسطيني وتشكيل حكومة وحدة وطنية قادرة على تمثيل الشعب الفلسطيني والدفاع عن مصالحه.
- الدعم الدولي: يجب على المجتمع الدولي أن يلعب دوراً فعالاً في دعم عملية السلام وإعادة الإعمار في غزة، من خلال تقديم المساعدات المالية والتقنية والسياسية.
خلاصة
إن تصريحات نتنياهو حول النصر الكامل في غزة تعكس رؤية ضيقة الأفق للصراع، وتتجاهل التحديات والعقبات الكبيرة التي تواجه تحقيق هذا الهدف. بدلاً من السعي وراء نصر كامل مستحيل، يجب على الأطراف المعنية البحث عن بدائل أخرى أكثر واقعية واستدامة، تركز على وقف إطلاق النار والمفاوضات والمساعدات الإنسانية وإعادة الإعمار والمصالحة الفلسطينية والدعم الدولي. إن تحقيق السلام والأمن والاستقرار في المنطقة يتطلب حلولاً سياسية شاملة وعادلة، وليس مجرد حلول عسكرية مؤقتة.
مقالات مرتبطة
Youtube
مدة القراءة